الخميس، 8 أبريل 2010

قصص البطولة والثبات

بعد عام على بتر ساقيها في محرقة غزة..جميلة تمضي إلى حلمها على عكازين
المركز الفلسطيني للإعلام

تتكئ جميلة الهباش على عكازيها الحديثين كل صباح في طريقها الى المدرسة متجهة نحو تحقيق حلمها في ان تصبح صحافية لكي تتمكن من “فضح جرائم” “إسرائيل” التي أفقدتها ساقيها خلال محرقة غزة قبل عام . وباتت جميلة ابنة الخمسة عشر عاما رمزا لصمود أطفال غزة بعد أن لفتت أنظار العالم إليها خلال مقابلة أجرتها معها قناة الجزيرة الفضائية وهي ترقد على سريرها في مستشفى الشفاء خلال الحرب حين أكدت إصرارها على تحقيق حلمها بان تصبح “صحافية” .
وكتبت النجاة لجميلة التي فقدت ساقيها في حين قتلت شقيقتها شذى (11 عاما) وابنة عمها إسراء (عشرة أعوام) وفقد محمد ابن عمها ساقه أيضا حينما باغتهم صاروخ “اسرائيلي” وهم يلهون فوق سطح منزلهم المكون من عدة طبقات في حي الشعث شرق مدينة غزة في الرابع من يناير/كانون الثاني 2009 .
تبتسم الفتاة بثقة وقد عادت من مدرستها على عكازيها يساندها شقيقها مؤمن قائلة “أنا بأفضل حال، أذهب الى مدرستي كل يوم وأتابع دراستي وحياتي بشكل طبيعي” .
وتروي جميلة “لن يثنيني ما حدث عن مواصلة حياتي بل انه دافع أقوى لتحقيق حلمي في أن أكون صحافية ممتازة تنقل الحقيقة للعالم وتفضح جرائم “إسرائيل” بحقنا” . وتسترجع الفتاة التي ترتدي جلبابا طويلا وحجابا “لا اذكر ما حصل معي وقت الحادث والحمد لله أنى لا افعل وإلا بقيت أفكر في الأمر واسترجعه وتوقفت عن التفكير بحلمي” . وتستدرك “كنت العب على السطح أنا وأختي شذى وابنة عمي إسراء وابنا عمي محمد ومحمود، ثم التفتنا فجأة إلى محمود يصرخ: صاروخ صاروخ” . وتتابع “لا اعلم ماذا حدث بعدها فقد استيقظت بعد الحادثة بيومين في المستشفى، واخبروني حينها أن شذى وإسراء استشهدتا فشعرت بقمة الحزن ولم يخبروني عما أصابني” . وتضيف الفتاة بحزن تداريه ابتسامتها “حزنت جدا فقد كانت شذى اقرب أخواتي لي، كانت علاقتنا حميمة” .
وتستذكر بعد أن ارتشفت القليل من العصير” كنت نائمة على سريري حينما دخلت الطبيبة الى غرفتي لتتفقدني فاستيقظت من دون أن افتح عيني وسمعتها تسأل أمي هل أخبرتموها بما أصابها؟ فأجابتها أمي بأنها لم تفعل بعد” . وتكمل “رفعت رأسي وسألتهم عما يجري، فأخبرتني الطبيبة انهم اجروا لي عملية بتر بالأطراف” . . تصمت الفتاة للحظة ثم تستأنف “اعتقدت انهم بتروا القدم فقط لأنني كنت اشعر بساقاي تماما، لكنهم بتروا الساقين من فوق الركبة” . إلا ان جميلة تصر بمعنوية مرتفعة “لن افشل، قررت من تلك اللحظة أن لا اسمح لليأس او الإحباط أن ينالا مني” .
تلقت جميلة وابن عمها محمد دعوة من العاهل السعودي للعلاج على نفقته في مستشفى الرياض عقب مقابلتها مع “الجزيرة” . وتقول “مكثت أنا ومحمد اكثر من ستة شهور في السعودية، ركبوا لي خلالها ساقين اصطناعيتين، وركبوا لمحمد طرفا، لكن الأخصائيين في مركز الشوا للعلاج الطبيعي في غزة اخبروني بعد عودتي أن الطرفين غير ملائمين وان جسدي يرفضهما” .
وتتذكر جميلة أنها كانت عاجزة عن استخدام الطرفين وكانت تشعر بآلام كبيرة لدى محاولة السير . وتتابع “سافرت الى سلوفينيا مع عدد من الجرحى وركبت هاتين الساقين وعدت بهما الى غزة منذ شهر حيث أتدرب على المشي عليهما يوميا بمساندة العكازين” . وتقول الفتاة بتحد “سأتمكن من الاستغناء عن العكازين تماماً قريباً” .
وعلى العكس من الفتاة الشابة، لم تتقبل والدتها أم محمد الأمر رغم مرور عام من الحادثة . وتقول أم محمد “كل يوم أبكي حينما أراها” .
وتستذكر الأم التي أنجبت أربعة أبناء وخمس بنات فقدت منهم شذى “كنت اجلس في شقتي يوم الحادثة، سمعنا صوتاً قوياً جداً . . اعتقدت ان القصف أصاب بيت جيراننا” .
وتتابع “فجأة سمعت صوت ابنة عمي تصرخ: جميلة مقطعة . . هرعت للأعلى فكانت جميلة ومحمد هم أول من رأيت وأطرافهم السفلية ممزقة تماماً . . كان الدم يملأ المكان وأشلاء شذى وإسراء ملقاة على الأرض” .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق